dimanche 13 avril 2014

زمن الكذب على الشهداء


أَلشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
ويسألني: أَين كُنْت ؟


محمود درويش


دفاتر البلديّة .. سجلاّت الرّاحلين .. شهائد الوفيات و القبور البيض الوحيدة .. الآنسة دوننا .. و أسماؤهم .. مخارج الحروف في نطق أسمائهم .. ستقتلنا .

قطرات دمهم و بركه .. على رصيف شارع أبى أن يطلى مجددا .. على جدران المدرسة .. على دمية البنت .. و على بدلة الخائن الموسّم .. ستقتلنا .

بريق عينيّ أبنائهم و أحفادهم .. و من عرفوهم .. و من تركوهم .. و من سمّوا على أسمائهم .. و الذكريات التي لم تجد ما يكفي لترسم .. و مشنقة تعلّق لوطن خان بسمة طفل في الرابعة .. ستقتلنا .

و قسم أب و دمعة أمّ لم تجفّ .. و رسائل حبيبة لن تصل أبدا .. و الكرسي الشاغر على طاولة الإفطار .. و التهنئة التائهة صباح العيد .. ستقتلنا .

عيد الثورة .. و الأوسمة و النصب التذكارية .. و تحيّة الشهداء و أمهاتهم و أراملهم في افتتاح كل مؤتمر و مادبة و عرس و عزاء و برنامج طبخ تلفزي .. و ذكرى 9 أفريل كاذبة أخرى .. ستقتلنا .

و الفصول التي مرّت و لم يشهدوها .. و الأقلام التي كتبت عنهم ..و الكامرات التي لم تعرفهم يوما و حفظت ملامحهم عن ظهر قلب .. و الساحات التي غيّرت أسماؤها بعدهم و الحكومات التي جاءت باسمهم .. و مكاتب الوزارات التي فتحت .. لتفتح ملفّاتهم .. و الكذب .. كلّ الكذب الذي حوّلهم رقما أو قصيدة أو موضوع اجتماع عام أو رسما على جدار أو شعارا باهتا في مظاهرة بائسة ..  سيقتلنا .

و يأس الرجال الحمر .. و ذكريات الزنزانة .. و أغاني الثورة في كل زقاق في العالم .. ستقتلنا ..
و لن نمــوت .. لأن المـــوت أعظم من السير إليه .. بقلوب رخيصة .




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire