هـــمـــس
كان صيفا مزعجا ، مربكا ، رماديا أو تشوبه ألوان لا يذكر ..
كان يذكر فقط أنه يعود يوميا مرهقا ، مكتظا بها ، يتنفسها و يختنق بها ، تسكن أفكاره
و تقيده .. ينهرها .. و تعود مجددا و تأسره
كان فوضويا لا يبالي .. و كانت تصنع بأناملها من فوضاه .. حلما جميلا
كانت قريبة كنسمة كذكرى .. بعيدة كفيض من الأمنيات
يستلقي ككل مساء على فراشه . يسرح في الحكايلت التي تروي بطولته .. يتذكر
تفاصيل وجهها.. ككل يوم
يكره مسارها ذلك ، و عنادها ، و تناقضها .. و ما يسميه هو بسمتها الرمادية في اخر
كل نقاش / طريق مسدود يصلان إليه .. معا
يحدثها طويلا .. و طويلا .. و طويلا و لا يمل بتاتا
و تمل ..
يضحكها ، يبكيها ، و يزعجها ..
و يكرهها و تكرهه
ثم يبتسمان .. و يتمنى لها أحلام لذيذة .. محلاة بالشكلاطة
كانت طفلة .. و لا زالت طفلة لن تكبر
يسبقها الزمن بسنوات ضوئية .. ثلاث .. من الإحتمال
أهو المستحيل .. في ثوب بسمة .. لا تذكر أيضا ..
هو وحده يذكر .. يعبد حركاتها
و يتمنى ، و يتحسر
و ينهض ليلقي نظرة من نافذته .. نافذة تطل
على الذكريات ..
يرقب القمر باسما .. يراها تشرب القهوة معه
لطالما ظلت تبحث عن القمر ، يؤنس وحدتها عندما كان هو ينساها .. و يعود متأخرا ..
" و انتظرها حتى يقول لك الليل لم يبق غيركما في الوجود .. " *
و لم يبق غيرهما في الوجود .. و لم تأت
حزن كئيب يغطي المكان .. مكان كانت تنيره
وحيد .. صامت .. وسط الضجيج ، وسع الصراخ
لا يكاد يسمع سوى رجع صدى بسماتها ..
لا زال ينتظر
يتحذ ركنا من الغرفة ، يفتح كتابها المفضلة .. لعلها تقبع بين صفحاته
تصل إليه رائحتها .. يقلب على عجل .. و لا يجدها
يشمئز و يكاد يقول شيئا ..
و يسمع صوتها " إياك .. " فيتراجع
يحتضن الذاكرة و يجلس على بقايا حلمه ..
تغني له لينام
" يا ستي و يا ستي .. غاب القمر جيت انتي .. "
و يؤلمه صوتها .. يسكتها و يهب ليمسكها
ترحل باسمة ، هازئة به ..
" متوازيان نحن .. لن نلتقي أبدا
إن شئت حاول مجددا .. لعلك تمسك خيط المستحيل "
يضطرب ، يلحقها و يخفق ..
يعود الهدوء إلى المكان ..
يعود وحيدا .. دونها
يتذكر تفصيلا صغيرا .. غاب عنه طويلا
أمسك قنديلا أشعله ببسمتها . و خرج مسرعا
هي هناك تنتظره .. كيف له أن ينسى
و أخذ يهرول .
الضجة
تسود المكان .. و فيض من العابرين
لا يعبأ
و يتلاشى الضجيج وراءه .. شيئا فشيئا
يصل إليها .. تتهلل أسارير وجهه
يقترب أكثر .. فأكثر
و القمر يرقبهما
يضع وردته البيضاء على قبرها ..
و يهمس
لا زلت .. أحبــك
.....